وقال: ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾، وقد ابتدَأَ الخطابَ بخطابِ اثنين، فقال: ﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ﴾؛ لأنه قَصَدَ المُخاطَبَ به، ومَن هو على الشِّرْكِ باللَّهِ مُقيمٌ مِن أهلِ مصرَ، فقال للمخاطَبِ بذلك: ما تَعْبُدُ أنت، ومَن هو على مثلِ ما أنت عليه مِن عبادةِ الأوثانِ. ﴿إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾: وذلك تَسْمِيتُهم أوثانَهم آلهةً أربابًا، شِرْكًا منهم، وتَشْبِيهًا لها في أسمائِها التي سمَّوها بها باللهِ، تعالى عن أن يكونَ له مِثْلٌ أو شَبيهٌ، ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾. يقولُ: سَمَّوها بأسماءٍ لم يأذَنْ لهم بتَسْميتِها بها (١)، ولا وَضَعَ لهم على أن تلك الأسماءَ أسماؤُها دلالةً ولا حجةً، ولكنها اختلاقٌ منهم لها وافتراءٌ.
وقولُه: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾. يقولُ: وهو الذي أَمَر ألا تَعْبدوا أنتم وجميعُ خلقِه إلا الله الذي له الألوهةُ والعبادةُ خالصةً دونَ كلِّ ما سِواه مِن الأشياءِ.
كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بن أنسٍ، عن أبي العاليةِ في قولِه: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا