للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظَرْتُم إلى ثمرِه عندَ عقدِ ثمرِه (١)، وعندَ يَنْعِه وانتهائِه، فرأيْتُم اختلافَ أحوالِه، وتصرفَه في زيادتِه ونموِّه، علِمْتُم أن له مدبِّرًا ليس كمثلِه شيءٌ، ولا تَصْلُحُ العبادةُ إلا له، دونَ الآلهةِ والأندادِ، وكان فيه حُجَجٌ وبرهانٌ وبيانٌ، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

يقولُ: لقومٍ يُصَدِّقون بوَحْدانيةِ اللهِ وقدرتِه على ما يَشاءُ.

وخصَّ بذلك تعالى ذكرُه القومَ الذين يُؤْمِنون؛ لأنهم هم المنتفِعون بحُججِ اللهِ والمُعْتَبِرون بها، دونَ مَن قد طَبَع اللهُ على قلبِه، فلا يَعْرِفُ حقًّا مِن باطلٍ، ولا يَتَبَيَّنُ هُدًى مِن ضَلالةٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.

يعني بذلك جلَّ ثناؤُه: وجعَل هؤلاء العادِلون بربِّهم الآلهةَ والأندادَ للهِ شركاءَ الجنَّ. كما قال جل ثناؤُه: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا﴾ [الصافات: ١٥٨].

وفي ﴿الْجِنَّ﴾ وجهان مِن النصبِ؛ أحدُهما: أن يكونَ تفسيرًا للشركاءِ (٢).

والآخرُ: أن يكونَ معنى الكلامِ: وجعَلوا للهِ الجنَّ شركاءَ وهو خالقُهم.

واخْتَلَفوا في قراءةِ قولِه: ﴿وَخَلَقَهُمْ﴾، فقرَأَته قرأَةُ الأمصارِ: ﴿وَخَلَقَهُمْ﴾.

على معنى أن اللهَ خَلَقَهم مُنْفَرِدًا بخلقِه إياهم.

وذُكِر عن يحيى بنِ يَعْمَرَ ما حدَّثني به أحمدُ بنُ يُوسُفَ، قال: ثنا القاسمُ بنُ سَلَّامٍ، قال: ثنا حَجَّاجٌ، عن هارونَ، عن واصلٍ مولى أبى عُيَيْنةَ، عن يحيى بنِ عَقيلٍ، عن يحيى بنِ يَعْمَرَ أنه قال: (شُرَكَاءَ الجنَّ وخَلْقَهم). بجزمِ اللامِ (٣).


(١) في ص، ت ١، س: "شجره".
(٢) التفسير هنا هو البدل.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٧ إلى أبي الشيخ. وذكر هذه القراءة عنه ابن خالويه في مختصر الشواذ ص ٤٥، وهي كذلك في مصحف عبد الله. البحر المحيط ٤/ ١٩٤.