للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بَيَّنَّا معنى الظلم في غير موضعٍ من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (١).

القول في تأويل قوله: ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨)﴾.

يقولُ، تعالى ذكره: لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة لأصحابك، يا محمد، التَمَسوا صَدَّهم عن دينهم، وحَرَصوا على رَدِّهم إلى الكفرِ بالتَّخْذيل عنه، كفعل عبد الله بن أُبيٍّ بك وبأصحابك يومَ أُحُدٍ، حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه، وذلك كان ابتغاءهم ما كانوا ابتَغَوا لأصحاب رسول الله من الفتنة مِن قبلُ.

ويعنى بقوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾. من قبل هذا، ﴿وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ﴾. يقولُ: وأجالوا فيك وفى إبطال الدَّينِ الذي بعثك به الله الرأى بالتَّخذيل عنك، وإنكار ما تأتيهم به، ورده عليك، ﴿حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ﴾. يقولُ: حتى جاءك (٢) نصرُ اللهِ، ﴿وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ﴾. يقولُ: وظَهَر دينُ اللهِ الذي أمر به وافتَرَضَه على خَلْقِه، وهو الإسلامُ، ﴿وَهُمْ كَارِهُونَ﴾. يقولُ: والمنافقون لظهور أمرِ اللهِ ونَصْرِه إياك كارهون. وكذلك الآنَ يُظْهِرُك الله، ويُظْهِرُ دِينَه على الذين كَفَرُوا مِن الروم وغيرهم من أهل الكفر به، وهم كارهون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) تقدم في ١/ ٥٥٩، ٥٦٠.
(٢) في م: "جاء".