للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمقدارِ، والخروجِ منه.

وأما نحويو البصرةِ، فإنهم زعَموا أنه نَصَب الذهبَ لاشتغالِ (١) الملءِ (٢) بالأرضِ، ومجئِ الذهبِ بعدَهما، فصار نصبُها نظيرَ نصبِ الحالِ، وذلك أن الحالَ يَجِيءُ بعدَ فعلٍ قد شُغِل بفاعله فيُنْصَبُ، كما يُنْصَبُ المفعولُ الذي يأتى بعدَ الفعلِ الذي قد شُغِل بفاعلِه. قالوا: ونظيرُ قولِه: ﴿مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا﴾. في نَصْبِ الذهبِ في الكلامِ: لى مِثْلُك رجلًا. بمعنى: لى مِثْلُك من الرجالِ. وزعَموا أن نَصْبَ الرجلِ لاشتغالِ الإضافةِ بالاسمِ، فنُصِب كما يُنْصَبُ المفعولُ به؛ لاشتغالِ (٣) الفعلِ بالفاعلِ.

وأُدخِلَت الواوُ في قولِه: ﴿وَلَوِ افْتَدَى بِهِ﴾. لمحذوفٍ من الكلامِ بعدَه، دلَّ عليه دخولُ الواوِ، [كالواوِ في قولِه: ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾] (٤) [الأنعام: ٧٥]. وتأويلُ الكلامِ: وليكونَ من الموقنين (٥) أرَيْناه ملكوتَ السماواتِ والأرضِ. فكذلك ذلك في قولِه: ﴿وَلَوِ افْتَدَى بِهِ﴾. ولو لم يكنْ في الكلامِ واوٌ لكان الكلامُ صحيحًا، ولم يكنْ هناك متروكٌ، وكان: فلن يُقبلَ من أحدِهم ملءُ الأرضِ ذهبًا لو افتدي به.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ


(١) في ت ١، س: "لاستعمال".
(٢) في ت ٢: "الملل".
(٣) في ت ١، س: "لاستثقال".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.
(٥) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "لمتروك من الكلام دل عليه دخول الواو وتأويل الكلام وليكون من الموقنين".