للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولَه محمدًا .

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾. يقولُ هؤلاءِ الذين وصَف صِفتَهم مِن الفقراءِ المهاجرين هم الصادقون فيما يقولون.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ﴾. يقولُ: اتخَذوا المدينةَ مدينةَ الرسولِ ، فابْتَنَوها منازلَ، ﴿وَالْإِيمَانَ﴾ باللَّهِ ورسولِه، ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. يعني: مِن قبلِ المُهاجرِين، ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾: يُحِبُّونَ مَن تَرَكَ مَنْزِلَه وانتقَل إليهم مِن غيرِهم. وعُني بذلك: الأنصارُ يُحِبُّون المهاجرين.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. قال: الأنصارُ؛ نَعَتَ - قال محمدُ بنُ عمرٍو: سَفَاطَةَ أنفسِهم (١). وقال الحارثُ: سَخاوةَ أنفسِهم - عند ما زُوِي (٢) عنهم مِن ذلك، وإيثارَهم إيَّاهم، ولم يُصِبِ الأنصارَ مِن ذلك


(١) السَّفيط: الطيب النفس. تاج العروس (س ف ط).
(٢) في النسخ وفي مخطوطة مكتبة المحمودية للدر المنثور: "رؤى"، والمثبت من تفسير مجاهد. وزوى عنه الشيء: صرفه ونحاه. الوسيط (ز و ى).