للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلامِ حينَئذٍ: فعَلْنا ذلك فِعْلَنا (١) جزاءً لنوحٍ، ولمن كان معه في الفُلْكِ. كأنه قيل: غرَّقْناهم لنوحٍ ولصنيعِهم بنوحٍ ما صنَعوا به مِن كفرِهم.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد ترَكنا السفينةَ التي حَملْنا فيها نوحًا ومَن كان معه، ﴿آيَةً﴾. يعني: عِبْرةً وعِظةً لمَن بعدَ قومِ نوحٍ مِن الأممِ؛ ليَعْتَبِرُوا بها ويَتَّعِظوا، فيَنْتَهُوا عن أن يَسْلُكوا مَسْلكَهم في الكفرِ باللهِ وتكذيبِ رسلِه، فيُصِيبَهم مثلُ ما أصابهم مِن العقوبةِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. قال: أبْقاها اللهُ بباقِرْدَى (٢) من أرضِ الجزيرةِ عبرةً وآيةً (٣)، حتى نظَرَت إليها أوائلُ هذه الأمةِ نظرًا، وكم مِن سفينةٍ كانت بعدَها قد صارت رَمادًا (٤).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً﴾. قال: ألْقَى اللهُ سفينةَ نوحٍ على الجُودِيِّ حتى أدْرَكها أوائلُ هذه الأمةِ (٥).


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) باقردى: موضع بالجزيرة تقع شرقى دجلة بالقرب من جبل الجودي. معجم ما استعجم ١/ ٢٢٢، ومعجم البلدان ١/ ٤٦٦، ٤٧٦.
(٣) في الأصل: "عظة".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٢٨ - من طريق سعيد به.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٥٨ وعنه عبد بن حميد - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٢٨ - عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣٥ إلى ابن المنذر.