للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن مجاهدٍ، أن اللهَ حينَ غرَّق الأرضَ جعَلَت الجبالُ تَشْمَخُ، وتواضَع الجُودِيُّ، فرفعه اللهُ على الجبالِ، وجعَل قَرارَ السفينةِ عليه (١).

وقولُه: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. يقولُ: فهل مِن [ذِي تَذَكُّرٍ يَتَذَكَّرُ] (٢) ما قد فعَلْنا بهذه الأُمَّةِ (٣) التي كفَرَت بربِّها، وعصَت رسولَه نوحًا وكذَّبَته فيما أتاهم به عن ربِّهم من النصيحةِ، فيَعْتَبِرَ بهم، ويَحْذَرَ أن يَحِلَّ به مِن عذابِ اللَّهِ بكفرِه به (٤)، وتكذيبِه رسولَه محمدًا ، مثلُ الذي حَلَّ بهم، فيُنِيبَ إلى التوبةِ، ويُراجِعَ الطاعةَ.

وأصلُ ﴿مُدَّكِرٍ﴾ مُفْتَعِلٌ مِن "ذكَر"، اجْتَمَعَت فاءُ الفعلِ، وهي ذالٌ، وتاؤها (٥)، وهي بعدَ الذالِ، فصُيِّرتا دالًا مشددةً، وكذلك تَفْعَلُ العربُ فيما كان أولُه ذالًا يَتْبَعُها تاءُ الافتعالِ، يَجْعَلونهما جميعًا دالًا مشددةً، فيقولون: ادَّكَرْتُ ادِّكارًا. وإنما هو: اذتكَرْتُ اذتِكارًا. وهل مِن مُذتَكِرٍ. ولكن قيل: ادَّكَرْتُ ومُدَّكِرٌ. لما ذَكَرَتُ. وقد ذُكِر عن بعضِ بني أسدٍ أنهم يقولون في ذلك: مُذَّكِرٌ. فيُغَلِّبون (٦) الذال، ويَعْتَبِرون الدالَ والتاءَ ذالًا مشددةً. وذُكِر عن الأسودِ بنِ يزيدَ أنه قال: قلتُ لعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾، أو (مُذَّكِرٍ)؟ فقال: أقْرَأَني رسولُ اللَّهِ : ﴿مُدَّكِرٍ﴾ (٧). يعني: بدالٍ (٨) مشددةٍ (٩).


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٥٨ عن معمر، عن يونس بن خباب، عن مجاهد.
(٢) في الأصل: "حجة ذكر فيذكر".
(٣) في الأصل: "الأمم".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بربه".
(٥) في م: "تاء".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيقلبون".
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢: "مذكر".
(٨) في ص، م، ت ١، ت ٢: "بالذال".
(٩) أخرجه الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٠٧، وأحمد ٦/ ٢٩٨ (٣٧٥٥)، والبخاري (٣٣٤٥، ٤٨٦٩، ٤٨٧٠)، ومسلم (٨٢٣)، وأبو داود (٣٩٩٤)، والترمذي (٢٩٣٧)، والنسائي في الكبرى (١١٥٥٥)، =