يستنكرون فعلَه، وأصلُ المنكر ما أنكره اللهُ، ورأوه قبيحًا فعلُه، ولذلك سُمِّيت معصيةُ الله منكرًا؛ لأن أهلَ الإيمان باللهِ يَسْتَنكرون فعلها، ويَسْتَعْظِمون رُكوبَها.
وقولُه: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾. يعنى: وتُصَدِّقون بالله، فتُخْلِصون له التوحيدَ والعبادةَ.
فإن سأل سائلٌ فقال: وكيف قيل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾. وقد زعَمتَ أن تأويلِ الآية أن هذه الأمة خيرُ الأممِ التي مضَت، وإنما يُقالُ: كنتم خير أمةٍ. لقومٍ كانوا خيارًا فَتَغَيَّروا عما كانوا عليه؟
قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما ذهَبتَ إليه، وإنما معناه: أنتم خيرُ أمةٍ. كما قيل: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ﴾ [الأنفال: ٢٦]. وقد قال في موضعٍ آخر: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف: ٨٦]، فإدخال "كان" في مثل هذا وإسقاطُها بمعنًى واحدٍ؛ لأن الكلامَ معروفٌ معناه.
ولو قال أيضًا في ذلك قائلٌ: ﴿كُنْتُمْ﴾ بمعنى التمامِ. كان تأويلُه: خُلِقْتم خيرَ أمةٍ، أو: وُجِدْتم خيرَ أمةٍ، كان معنًى صحيحًا.
وقد زعَم بعضُ أهل العربيةِ أن معنى ذلك: كنتم خيرَ أمةٍ عند اللهِ في اللوحِ المحفوظِ، أُخرِجت للناسِ.
والقولان الأولان اللذان قلنا أشبهُ بمعنى الخبرِ الذى رَوَيناه قبلُ.
وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خيرَ أهلِ طريقةٍ. وقال: الأُمَّةُ الطريقةُ.