للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهدٍ مثلَه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال موسى لما تبيَّن له عذرُ أخيه، وعلِم أنه لم يفرِّطْ في الواجبِ الذي كان عليه مِن أمرِ اللَّهِ في إنكارِ (١) ما فعَله الجَهَلَةُ مِن عَبَدةِ العجلِ: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾. مستغفرًا مِن فعلِه بأخيه ولأخيه مِن سالفٍ سلَف (٢) له بينَه وبينَ اللَّهِ؛ تغمَّدْ ذنوبَنا بسترٍ منك تسترُها به، ﴿وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ﴾. يقولُ: وارحمْنا برحمتِك الواسعةِ عبادَك المؤمنين، فإنك أنت أرحمُ بعبادِكَ مِن كلِّ مَن رحِم شيئًا.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ﴾ إلهًا ﴿سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ بتعجيلِ اللَّهِ لهم ذلك، ﴿وَذِلَّةٌ﴾. وهى الهوانُ؛ لعقوبةِ اللَّهِ إيَّاهم على كفرِهم بربِّهم، ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾: في عاجلِ الدنيا قبلَ آجلِ الآخرةِ.

وكان ابن جُريجٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثنا به القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجاجٌ، عن ابن جُريجٍ قولَه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾. قال: هذا لَمْن مات ممن اتَّخَذ العجلَ قبلَ أن يرجِعَ موسى، ومَن فرَّ منهم حينَ أمرَهم موسى أن يقتُلَ بعضُهم بعضًا.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "ارتكاب".
(٢) سقط من: م، وفى ف: "ما سلف".