للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولو جعَلْنا رسولَنا إلى هؤلاء العادلين بي، القائلين: لولا أُنْزِل على محمدٍ ملكٌ بتصديقه (١). مَلَكًا يَنْزِلُ عليه من السماءِ، ويَشْهَدُ [بتصديق (٢) محمدٍ] (٣) ، ويَأْمُرُهم باتِّباعِه، ﴿لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾. يقولُ: لَجَعَلْناه في صورةِ رجلٍ من البشرِ؛ لأنهم لا يَقْدِرون أَن يَرَوُا المَلَكَ في صورتِه. يقولُ: وإذ كان ذلك كذلك، فسواءٌ أَنْزَلْتُ عليهم بذلك ملَكًا أو بشرًا، إذ كنتُ إِذا أَنْزَلْتُ عليهم ملَكًا إنما أُنْزِلُه بصورةِ إِنْسيٍّ، وحُجَجي في كلتا الحالتين عليهم ثابتةٌ بأنك صادقٌ، وأن ما جئتَهم به حقٌّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعضُ أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: ثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابن عباسٍ: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾. يقولُ: ما أتاهم إلا في صورة رجلٍ؛ لأنهم لا يَسْتَطِيعون النظر إلى الملائكةِ (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾: في صورة رجلٍ، في (٥) خَلْقِ رجلٍ (٦).


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لى".
(٢) سقط من: م.
(٣) في س: "بصدقه".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٦٦ (٧١٢٩) من طريق بشر بن عمارة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٥ إلى أبي الشيخ.
(٥) في تفسير مجاهد: "أي في"، وفى الدر المنثور أيضًا: "وفى".
(٦) تفسير مجاهد ص ٣١٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٥ إلى عبد بن حميد.