للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنَّ سَرَاتَهُ وَجُدَّةَ مَتْنِهِ … كَنائِنُ يَجْرى فَوْقَهُنَّ دَلِيصُ (١).

يعنى بالجُدَّة: الخُطَّةَ السوداءَ تكونُ في متنِ الحمارِ.

وقولُه: ﴿مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾. يعني: مختلفٌ ألوانُ الجُدَدِ، ﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾، وذلك مِن المقدَّمِ الذي هو بمعنى التأخيرِ، وذلك أن العربَ تقول: هو أسودُ غربيبٌ. إذا وصَفوه بشدةِ السوادِ، وجُعل ههنا السواد صفةً للغرابيبِ. وقولُه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ [كَذَلِكَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ومن الناسِ والدوابِّ والأنعامِ مختلفٌ ألوانُه] (٢)، كما مِن الثمراتِ والجبالِ مختلِفٌ ألوانُه؛ بالحمرةِ والبياضِ والسوادِ والصفرةِ، وغيرِ ذلا وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا﴾: أحمرُ وأَخضرُ وأصفرُ، ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ﴾: أي طرائق بيضٌ، ﴿وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾: أي جبالٌ حمرٌ (٣)، ﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾: هو الأسودُ، يعنى لونَه، كما اختلَف ألوانُ هذه و (٤) اختلَف ألوانُ الناسِ والدوابِّ والأنعامِ كذلك (٥).


(١) سراته: ظهره، وجدة ظهره: الخط الذي في وسط ظهره، وكنائن، جمع كنانة، وهى الجعاب، ودليص: ذهب له بريق؛ شبَّه الخط الذي على ظهره بجعاب مذهبة. المصدر السابق.
(٢) سقط مِن: م، ت ١.
(٣) بعده في م: "وبيص".
(٤) سقط من: م، ت ١.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٣٥ عن معمر عن قتادة، مختصرا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٩ إلى المصنف وعبد بن حميد.