يقولُ اللهُ تعالى ذكرُه: ومثَّل اللهُ مثَلًا لمكةَ التي سُكَّانُها أهلُ الشركِ باللهِ، هى القريةُ التى كانت آمنةً مطمئنةً، وكان أمْنُها أن العربَ كانت تَتَعادَى، ويَقْتُلُ بعضُها بعضًا، ويَسْبِى بعضُها بعضًا، وأهلُ مكةَ لا يُغَارُ عليهم، ولا يُحارَبون في بلدِهم، فذلك كان أمْنُها. وقولُه: ﴿مُطْمَئِنَّةً﴾. يَعْنى قارَّةً بأهلِها، لا يَحْتاجُ أهلُها إلى النُّجَعِ (١)، كما كان سكانُ البوادِى يَحتاجون إليها، ﴿يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا﴾. يقولُ: تأتى أهلَها معايشُهم واسعةً كثيرةً. وقولُه: ﴿مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾. يعنى: من كلِّ فَجٍّ من فِجاجِ هذه القريةِ، ومن كلِّ ناحيةٍ فيها.
وبنحوِ الذي قلنا في أن القريةَ التي ذُكِرت في هذا الموضعِ، أُرِيد بها مكةُ، قال أهلُ التأويلِ.
(١) النُّجَع: جمع النُّجعة. والنجعة عند العرب: المَذْهب في طلب الكلأ في موضعه. ينظر اللسان وتاج العروس (ن ج ع).