للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا أحمدُ بنُ يُوسُفَ التَّغْلِبيُّ (١)، قال: ثنا أبو عُبَيْدٍ (٢)، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ، قال: هي في حرفِ أبيِّ بِن كعبٍ وابنِ مسعودٍ: (ولِيَقولوا درَسَ). قال: يعني النبيَّ قرَأ (٣).

وإنما جاز أن يُقالَ مرةً: ﴿دَرَسْتَ﴾، ومرةً: (درَسَ)، فيُخاطَب مرةً، ويُخْبَرَ مرةً؛ مِن أجلِ القولِ.

وقد بيَّنا أولى هذه القراءاتِ في ذلك بالصوابِ عندَنا، والدلالةَ على صحةِ ما اختَرْنا منها (٤).

وأما تأويلُ قولِه: ﴿وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: كما صرَّفْنا الآياتِ والعبرَ والحججَ في هذه السورةِ لهؤلاء العادلين بربِّهم الآلهةَ والأندادَ، كذلك تُصَرِّفُ لهم الآياتِ في غيرِها؛ كيلا يقولوا لرسولِنا الذي أرْسَلْناه إليهم: إنما تعَلَّمْتَ ما تَأْتِينا به تَتْلُوه علينا مِن أهلِ الكتابِ. فيَنْزَجِروا عن تكذيبِهم إياه، وتقوُّلِهم عليه الإفكَ والزُّورَ، ولنُبَيِّنَ تَصْرِيفَنا الآياتِ الحقَّ لقومٍ يَعْلَمون الحقِّ إذا تبَيَّن لهم، فيَتَّبِعوه ويَقْبَلوه، وليسوا كمَن إذا بُيِّن لهم عَمُوا عنه فلم يَعْقِلوه، وازْدادوا مِن الفهمِ له (٥) بُعْدًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦)﴾.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الثعلبي"، وفي ف: "الثغلبي". وتقدم على الصواب في ٤/ ٦٢٠.
(٢) في م: "عبيدة".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٨ إلى المصنف وأبي عبيد، وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٣٠٧ وقال: وهذا غريب، فقد روى عن أبيّ بن كعب خلاف هذا. ثم ذكر ما أخرجه الحاكم وصححه وابن مردويه أن النبي أقرأه: دَرَسْتَ.
(٤) ينظر ما تقدم في ص ٤٧٢.
(٥) في النسخ: "به". والمثبت صواب السياق.