للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ (١).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾: أي: لقد كنتم تَمَنَّون الشَّهادةَ على الذي أنتم عليه مِن الحقِّ، قبلَ أن تَلْقَوا عَدوَّكم، يعنى الذين استباصوا (٢) رسولَ اللهِ إلى (٣) خُروجِه بهم إلى عَدوِّهم لِما فاتَهم مِن الحُضورِ في اليومِ الذي كان قبلَه ببدرٍ؛ رغبةً في الشَّهادةِ التي فاتَتْهم به، يقولُ: ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾. أي: الموتَ بالسيوفِ في أيدى الرجالِ قد خُلِّي (٤) بينكم وبينهم، وأنتم تَنْظُرون إليهم، فصَدَدْتم عنهم (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)﴾.

يعني تعالى ذِكْرُه بذلك: وما محمدٌ إلا رسولٌ كبعضِ رسلِ اللهِ الذين أَرْسَلَهم إلى خلقِه داعيًا إلى اللهِ وإلى طاعتِه، الذين حين انْقَضَتْ آجالُهم ماتوا وقَبضهم اللهُ إليه. يقولُ جل ثناؤُه: فمحمدٌ إنما هو فيما اللهُ به صانعٌ مِن قَبْضِه إليه عندَ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٦، عقب الأثر (٤٢٥٤) من طريق عمرو، عن أسباط به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٠ إلى المصنف.
(٢) في ص: "استاصوا" مصحفة، وفى م: "حملوا"، وفى تفسير ابن أبي حاتم: "استناصوا"، وفي سيرة ابن هشام: "استنهضوا". والبَوْص: أن تستعجل إنسانًا في تحميلكه أمرًا لا تدعه يتمهل فيه. التاج (ب و ص).
(٣) في م، ت ١، ت ٢: "على".
(٤) في م: "حل"، وهي محتملة في ص، وفي ت ٢: "فدخل".
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ١١١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٦ (٤٢٥٥) من طريق سلمة به.