للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)﴾. قال: الخيرُ: الدنيا. وقرأ: ﴿وإِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠]. قال: فقلتُ له: إن ترَك خيرًا؛ المالُ؟ فقال: نعم، وأيُّ شيءٍ هو إلا المالُ. قال: وعسى أنْ يكونَ حرامًا، ولكن الناسَ يَعُدُّونه خيرًا، فسمَّاه الله خيرًا؛ لأنَّ الناس يُسمُّونه خيرًا في الدنيا، وعسى أن يكون خبيثًا، وسُمِّي القتال في سبيلِ اللهِ سُوءًا (١). وقرَأ قولَ اللهِ: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ [آل عمران: ١٧٤]. قال: لم يَمْسَسْهم قتالٌ. قال: وليس هو عند الله بسوءٍ، ولكن يُسَمُّونه سوءًا.

وتأويل الكلامِ: إنَّ الإنسان لربِّه لكنودٌ، وإنه لحبِّ الخير لشديدٌ، وإنَّ الله على ذلك من أمره لشاهدٌ. ولكنَّ قولَه: ﴿وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧)﴾. قُدِّم، ومعناه التأخيرُ، فجُعِل مُعْتَرَضًا بين قوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)﴾، وبين قوله: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)﴾.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧)﴾. قال: هذا من مقاديمِ الكلامِ. قال: يقولُ: إِنَّ الله لشهيدٌ أنَّ الإنسانَ لحبِّ الخير لشديدٌ (٢).


(١) في ت ٢، ت ٣: "سواء".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٨٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.