للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن شريكٍ، عن سالمٍ الأفطسِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ: ﴿بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾. قال: عُقْبَى الدارِ (١).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بخالصةٍ أهلِ الدارِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حُدِّثتُ عن ابن أبي زائدةَ، عن ابن جريجٍ، قال: ثني ابن أبي نجيحٍ، أنه سمِع مجاهدًا يقولُ: ﴿بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾: هم أهلُ الدارِ، وذو الدارِ، كقولِك: ذو الكَلاعِ، وذو يَزَنٍ.

وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ من البصريين يَتَأَوَّلُ ذلك على القراءةِ بالتنوينِ: ﴿بِخَالِصَةٍ﴾: عملٍ في ذكرى الآخرةِ (٢).

وأولى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك على قراءةِ من قرَأه بالتنوينِ - أن يُقالَ: معناه: إِنَّا أَخْلَصْناهُم بخالصةٍ، هي ذكرى الدارِ الآخرةِ، فعمِلوا لها في الدنيا، فأطاعوا الله وراقَبوه، وقد يَدْخُلُ في وصفِهم بذلك، أن يكونَ من صفتِهم أيضًا الدعاءُ إلى اللهِ، وإلى الدارِ الآخرةِ؛ لأن ذلك من طاعةِ اللهِ والعملِ للدارِ الآخرةِ، غيرَ أن معنى الكلمةِ ما ذكَرْتُ.

وأما على قراءةِ من قرَأه بالإضافةِ، فأن يُقالَ: معناه: إنا أَخْلَصْناهم بخالصةِ ما ذُكِر في الدارِ الآخرةِ؛ فلمَّا لم تُذْكَرْ "في" أُضيفت "الذكرى" إلى "الدارِ"، كما قد بيَّنا قبلُ في معنى قولِه: ﴿لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ (٣) [فصلت: ٤٩].


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣١٨ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) ينظر مجاز القرآن ٢/ ١٨٥.
(٣) ينظر ما تقدم في ص ٦١.