للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾. يقولُ: قضَى اللهُ وخطَّ في أمِّ الكتابِ لأغلبنَّ أنا ورسُلي من حادَّني وشاقَّني.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ الآية. قال: كتَب اللهُ كتابًا وأمضاه (١).

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. يقولُ: إِنَّ اللهَ جلّ ثناؤُه ذو قوَّةٍ وقدرةٍ على كلِّ من حادَّه ورسولَه أنْ يُهلِكَه، ذو عزَّةٍ، فلا يَقْدِرُ أحدٌ أنْ يَنْتَصِرَ منه إذا هو أهلَك وليَّه، أو عاقَبه، أو أصابه في نفسِه بسوءٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)﴾.

يعني جلّ ثناؤُه بقولِه: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾: لا تجدُ يا محمدُ قومًا يُصدِّقون اللهَ، ويُقِرُّون باليومِ الآخرِ، يوادُّون من عادَى (٢) اللهَ ورسولَه وشاقَّهما، وخالفَ أمرَ اللهِ ونهيَه، ﴿وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ﴾. يقولُ: ولو كان الذين حادُّوا اللهَ ورسولَه آباءَهم، أو أبناءَهم، أو


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في م: "حاد".