القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (١٢١)﴾.
قال أبو جعفرٍ ﵀: يعنى جلَّ ثناؤه بقوله: ﴿أُولَئِكَ﴾. هؤلاء الذين اتَّخَذُوا الشيطان وليًّا مِن دونِ اللهِ ﴿مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ يَعْنى: مصيرُهم الذي يصيرون إليه جهنم: ﴿وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا﴾. يَقُولُ: لا يَجِدُون عن جهنم - إذا صيَّرهم اللهُ إليها يوم القيامةِ - مَعْدِلًا يَعْدِلون إليه. يُقال منه: حاص فلانٌ عن هذا الأمر يحيصُ حَيْصًا وحُيوصًا: إذا عَدل عنه، ومنه خبر ابن عمر أنه قال: بعَثنا رسولُ الله ﷺ سريةً كنت فيهم، فلقِينا المشركين فحِصْنا حَيْصَةٌ (١). وقال بعضُهم: فجاصوا جَيْصَةً. والحَيْصُ والجَيْصُ مُتقاربا المعنى.
قال أبو جعفر ﵀: يعنى جلّ ثناؤُه بقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ والذين صدَّقوا الله ورسوله، وأقروا له بالوحدانية ولرسوله بالنُّبُوَّةِ وعملوا الصالحاتِ، يَقُولُ: وأدَّوا فرائضَ اللهِ التي فرضها عليهم ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ يَقُولُ: سوف نُدْخِلُهم يوم القيامة إذا صاروا إلى الله، جزاءً بما عملوا في الدنيا من الصالحاتِ ﴿جَنَّاتٍ﴾. يَعْنى بساتينَ تَجْرِى مِن تحتها الأنهارُ ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ يَقُولُ: باقين في هذه الجناتِ التي
(١) أخرجه الحميدى (٦٨٧)، وأحمد ٩/ ٢٨١ (٥٣٨٤)، والبخارى في الأدب المفرد (٩٧٢)، وأبو داود (٢٦٤٧)، والترمذى (١٧١٦) من طرق عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه به.