للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأويلُ الكلامِ إذن: فتبدّلَ من بعدهم بَدَلُ سَوْءٍ، ورِثوا كتاب الله فعلِموه (١)، وضَيَّعوا العمل به، فخالفوا حُكْمَه؛ يُرْشَوْن في حكم الله فيأخذون الرِّشْوَة فيه من عرضِ هذا العاجل الأدْنَى، يعنى بـ ﴿الْأَدْنَى﴾: الأقربَ من الآجلِ الأبعدِ، ويقولون إذا فعلوا ذلك: إن الله سيغفر لنا ذنوبنا. تمنِّيًا على الله الأباطيلَ، كما قال جلَّ ثناؤُه فيهم: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُم مَّمَّا كَنَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم ممَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة: ٧٩]. ﴿وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ﴾. يقولُ: وإِنْ شَرَع لهم ذنبٌ حرامٌ مثلُه من الرِّشوة بعد ذلك، أخذوه واستحلوه، ولم يَرْتدِعوا عنه. يُخبِرُ جلَّ ثناؤه عنهم أنهم أهل إصرارٍ على ذنوبهم، وليسوا بأهل إنابةٍ ولا توبةٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، وإن اختلفت عنه عباراتهم.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أحمد بن المقدام، قال: ثنا فضيلُ بن عياضٍ، عن منصورٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ في قوله: ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ﴾. قال: يعملون بالذنب ثم يستغفِرُونَ اللَّهَ، فإن عرَضَ ذلك الذنب أخذوه (٢).

حدثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبد الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: ﴿وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضُ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ﴾. قال: من الذنوبِ (٣).


(١) في م: "تعلموه"، وفى ت ١، ت ٢، س: "يعلموه".
(٢) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٢٤٠ في تفسيره، وسعيد بن منصور في سننه (٩٦٦ - تفسير)، والبيهقي في الشعب (٧١٥٨) من طريق فضيل به بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٣٩ إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٠٧ من طريق سفيان به.