للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ - أن يكونَ تأويلُه ما قاله ابنُ عباسٍ وقتادةُ، مِن أنَّه معنيٌّ بذلك كلُّ مُكلَّفٍ عالمٍ بوحدانيةِ اللهِ وأنه لا شريكَ له في خلقِه، يشركُ (١) معه في عبادتِه (٢)، كائنًا مَن كان مِن الناسِ، عَربيًّا كان أو أعجميًّا، كاتبًا (٣) أو أميًّا، وإن كان الخِطابُ لكفارِ أهلِ الكتابِ الذين كانوا حَوالَىْ دارِ هجرةِ رسولِ اللهِ ، وأهلِ النِّفاقِ منهم، وممن بينَ ظهرانَيْهم ممن كان مشركًا فانْتَقل إلى النِّفاقِ بِمَقْدَمِ رسولِ اللهِ عليهم.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾.

قال أبو جعفرٍ: وهذا مِن اللهِ جل ثناؤُه احتجاجٌ لنبيِّه محمدٍ على مُشرِكي قومِه مِن العربِ ومُنافقيهم، وكفارِ أهلِ الكتابِ وضُلَّالِهم الذين افْتَتَح بقصصِهم قولَه جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ وإيَّاهم يُخاطِبُ بهذه الآياتِ، [وضُرباءَهم يعني بها] (٤)، قال اللهُ جلَّ ثناؤُه لهم: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ﴾ أيها المشركون مِن العربِ والكفارِ مِن أهلِ الكتابَيْن، إنْ كنتم في شكٍّ، وهو الرَّيبُ، ﴿مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ محمدٍ مِن النورِ والبرهانِ وآياتِ الفرقانِ، أنه مِن عندِي، وأَنِّي الذي أنْزلتُه إليه، فلم تؤمنوا به، ولم تصدِّقوه فيما يقولُ، فأْتوا بحُجةٍ تدفَعُ حُجتَه؛ لأنكم تعلَمون أن حجةَ كلِّ ذي نبوَّةٍ على صدقِه في دَعْواه النبوَّةَ أن يأتيَ ببرهانٍ يَعجِزُ عن أن يأتِيَ بمثلِه جميعُ الخلقِ. ومن حجةِ محمدٍ


(١) في الأصل: "مشرك".
(٢) بعده في ص، ر، م، ت ١، ت ٢: "غيره".
(٣) في ص، ر، ت ٢: "كتابيا".
(٤) في م: "وأخبر بأهم نعوتها".