للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت التَّلْبِيةُ؟ قلتُ: وكيف كانت التلبيةُ؟ قال: إن إبراهيمَ لمَّا أُمِر أن يُؤَذِّنَ في النَّاسِ بالحجِّ، خَفَضَتْ له الجبالُ رءوسَها، ورُفِعَتِ القُرى، فأذَّنَ في الناسِ (١).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا جَريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾. قال إبراهيمُ: كيف أقولُ يا ربِّ؟ قال: قُلْ: يا أيها الناسُ اسْتَجِيبوا لربِّكم. قال: فوَقَرَتْ في قلبِ كلِّ مؤمنٍ (٢).

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن سَلَمَةَ، عن مجاهدٍ، قال: قِيلَ لإبراهيمَ: أذِّنْ في الناس بالحجِّ. قال: يا ربِّ، كيف أقولُ؟ قال: قُلْ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. قال: فكانت أوَّلَ التَّلْبِيَةِ (٣).

وكان ابن عباسٍ يقولُ: عنَى بـ "الناسِ" في هذا الموضعِ أهلَ القِبْلةِ.

ذكرُ الرِّوايةِ بذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾: يعنى بـ "الناسِ" أهل القِبلةِ، ألم تَسْمَعْ أنه قال: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا﴾. إلى قولِه: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٦، ٩٧]. يقولُ: ومَن دخَله مِن الناسِ الذين أُمِر أن يُؤَذِّنَ فيهم وكُتِب عليهم الحجُّ، فإنه آمِنٌ، فَعَظِّموا حُرُماتِ اللَّهِ تعالى،


(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١٠٦٢٨) عن حجاج به، وأخرجه الطيالسي (٢٨٢٠) - ومن طريقه البيهقى ٥/ ١٥٣ - وأحمد ٤/ ٤٣٦ (٢٧٠٧)، والبيهقى في الشعب (٤٠٧٧). من طريق حماد به، وهو مطول في هذه المصادر.
(٢) أخرجه البيهقى في الشعب (٣٩٩٩) من طريق جرير به، وهو في تفسير سفيان ص ٢١٠، ٢١١ عن منصور به، وفيه: وقرت في نفس كل مسلم.
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٦١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٥٥ إلى عبد بن حميد.