للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها (١) الحدُّ أربعةٌ (٢).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: أقلُّ ما ينبغِى حضورُ ذلك من عَددِ المسلمينَ: الواحدُ فصاعدًا. وذلك أَنَّ الله عمَّ بقولِه: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ﴾. والطائفةُ قد تقعُ عندَ العربِ على الواحدِ فصاعدًا. فإذا (٣) كان ذلك كذلك، ولم يكنِ اللهُ تعالى ذكرُه وضَع دلالةً على أنَّ مرادَه من ذلك خاصٌّ من العددِ - كان معلومًا أنَّ حُضورَ ما وقَع عليه أدنى اسمِ الطائفةِ ذلك المحضرَ مُخرِجٌ مُقيمَ الحدَّ ممَّا أمَره اللهُ بهِ بقولِه: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. غيرَ أَنِّي وإن كان الأمرُ على ما وصَفتُ، أستحِبُّ ألا يُقصَّرَ بعددِ من يحضُرُ ذلك الموضعَ عن أربعةِ أنفسٍ، عددِ مَن تُقبَلُ شهادتُه على الزنى؛ لأنَّ ذلك إذا كان كذلك، فلا خلافَ بينَ الجميعِ أنَّه قد أدَّى المقيمُ الحدَّ ما عليهِ في ذلك، وهم فيما دونَ ذلك مختلفونَ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: نزَلتْ هذه الآيةُ في بعضِ مَن استأذنَ رسولَ اللهِ في نكاحِ نسوةٍ كُنَّ معروفاتٍ بالزنى من أهلِ الشركِ، وكُنَّ أصحابَ راياتٍ يُكْرِينَ أنفسَهنَّ، فأنزَل اللهُ تحريمَهنَّ على المؤمنينَ، فقال: الزانى من المؤمنينَ لا يتزوَّجُ (٤) إلا زانيةً أو مشركةً؛ لأنَّهنَّ كذلك، والزانيةُ من


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "فيه".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٩ إلى المصنف.
(٣) في م: "فإذ".
(٤) بعده في ص، ت ١، ف: "والزانية من أولئك البغايا"، وفى ت ٢: "والزانية من أولئك البغاة".