للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ، قال: ثم رَخَّص لهم في الدخولِ فيما بينَ ذلك بغيرِ إذنٍ، يعني: فيما بينَ صلاةِ الغداةِ إلى الظهرِ، وبعدَ الظهرِ إلى صلاةِ العشاءِ، أنه رَخَّص لخادمِ الرجلِ والصبيِّ أن يدخُلَ عليه منزلَه بغيرِ إذنٍ. قال: وهو قولُه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ﴾. فأمَّا مَن بَلَغَ الحُلُمَ، فإنه لا يدخُلُ على الرجلِ وأهلِه إلا بإذْنٍ على كلِّ حال (١).

وقولُه: ﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ﴾. رُفِع "الطَّوافون" بمُضْمَرٍ، وذلك "هم"، يقولُ لهؤلاء المماليكِ والصَّبْيانِ الصغارِ: هم طَوَّافون عليكم أيُّها الناسُ.

ويعنى بالطَّوَّافين أنهم يدخُلون ويخرُجون على مَوالِيهم وأقْرِبائِهم في منازلِهم غُدْوَةً وعَشِيَّةً بغيرِ إذنٍ، يَطُوفون عليهم.

﴿بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ في غيرِ الأوقاتِ الثلاثِ التي أمَرهم ألا يُدخلوا على سَاداتِهم وأقْرِبائِهم فيها إلا بإذنٍ، ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: كما بَيَّنْتُ لكم أيُّها الناسُ أحكامَ الاسْتئذانِ في هذه الآيةِ، كذلك يُبَيِّنُ اللهُ لكم جميعَ أعْلامِه وأدلتِه وشرائعِ دِينِه، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. يقولُ: واللهُ ذو علم بما يُصْلِحُ عبادَه، حكيمٌ في تَدْبيرِه إياهم، وغيرِ ذلك مِن أمورِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩)﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٣٦، وهو تتمة الأثر المتقدم في ص ٣٥٣.