للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى: إِنَّ يُوسُفَ مِن عبادِنا الذين أخْلَصوا توحيدَنا وعبادتَنا، فلم يُشْرِكوا بنا شيئًا، ولم يَعْبُدوا شيئًا غيرَنا.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يُقالَ: إنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بهما جميعًا جماعةٌ كثيرةٌ من القرأةِ، وهما متقاربتًا (١) المعنى، وذلك أن مَن أَخْلَصه اللهُ لنفسِه (٢) فاخْتاره، فهو مُخْلِصٌ للهِ التوحيدَ والعبادةَ، ومَن أَخْلَص توحيدَ اللهِ وعبادتَه، فلم يُشْرِكْ باللهِ شيئًا، فهو ممَّن أخْلَصه اللهُ، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فهو للصوابِ مصيبٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: واسْتَبَق يوسُفُ وامرأةُ العزيزِ بابَ البيتِ؛ أما يوسُفُ ففِرارًا مِن ركوبِ الفاحشةِ، لمَّا رأَى برهانَ ربِّه، فزجَره عنها. وأما المرأةُ تطلُّبَها ليوسُفَ لتَقْضِي حاجتَها منه التي راوَدَته عليها، فأدْرَكَته، فتعلَّقَت بقميصِه، فجذَبَته إليها مانعةً له مِن الخروجِ مِن البابِ، فقدَّته من دُبُرٍ، يعني: شقَّتْه مِن خَلْفٍ، لا مِن قُدَّامٍ؛ لأن يوسُفَ كان هو الهاربَ، وكانت هي الطالبةَ.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾. قال: اسْتَبَق هو والمرأةُ البابَ: ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ


(١) في م: "متفقتا".
(٢) في ت ١: "لنبوته"، وفى ت ٢، س، ف: "لبنيه". والمثبت من: م، ص.