للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء المشركين، ويعنى بالبلاءِ الحسنِ: النعمةَ الحسنةَ الجميلةَ، وهى ما وصَفتُ، وما في معناه.

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال في قولِه: ﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا﴾. أى ليعرِّفَ المؤمنين من نعمِه عليهم في إظهارِهم على عدوِّهم مع كثرةِ عددِهم، وقلةِ عددِهم؛ ليعرِفوا بذلك حقَّه؛ وليشكُروا بذلك نعمتَه (١).

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. يعنى: إن اللهَ سميعٌ أيُّها المؤمنون لدعاءِ النبيِّ ، ومناشدتِه ربَّه، ومسألتِه إيَّاه إهلاكَ عدوِّه وعدوِّكم، ولقيلِكم وقيلِ جميعِ خلقِه، عليمٌ بذلك كلِّه، وبما فيه صلاحُكم، وصلاحُ عبادِه، وغيرِ ذلك من الأشياءِ، محيطٌ به، فاتقوه وأطيعوا أمرَه، وأمرَ رسولِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (١٨)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿ذَلِكُمْ﴾ هذا الفعلُ من قتلِ المشركين ورميِهم، حتى انهزموا، وابتلاءِ المؤمنين البلاءَ الحسنَ بالظَّفَرِ بهم، وإمكانِهم من قتلِهم، وأسرِهم -فعلُنا الذي فعَلنا. ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾. يقولُ: واعلَموا أن اللهَ مع ذلك مُضْعِفُ كيدِ الكافرين، يعنى مكرَهم، حتى يذِلُّوا وينقادوا للحقِّ أو (٢) يَهْلِكوا.

وفى فتحِ "أنَّ" من الوجوهِ ما فى قولِه: ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٠٦، وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٧٤ من طريق سلمة عن ابن إسحاق عن محمد، عن عروة قوله.
(٢) فى النسخ: "و". والمثبت ما يقتضيه السياق.