وهذا قولٌ لم أَرَ أهلَ المعرفةِ بلغاتِ العربِ ومعاني كلامِهم يَعْرِفونه، بل رأيتُهم مُجْمِعِين على ما وصَفتُ من أنهما لغتان بمعنَى واحدٍ.
والذي نقولُ به في قراءةِ ذلك: إن القراءتين إذ كانتا مستفيضتين في قرأةِ أهلِ الإسلامِ، ولا اختلافَ بينَهما في معنًى ولا غيرِه، فهما قراءتان قد جاءتا مجئَ الحُجَّةِ، فبأيِّ القراءتين - أعنى بكسرِ الحاءِ من الحجِّ أو فتحِها - قرَأ القارئُ، فمصيبٌ الصوابَ في قراءتِه.
وأما ﴿مَنِ﴾ التي مع قولِه: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ﴾. فإنه في موضعِ خفضٍ على الإبدالِ من ﴿النَّاسِ﴾. لأن معنى الكلامِ: واللهِ على مَن استطاعِ مِن الناسِ سبيلًا إلى حجِّ البيتِ، حجُّه. فلما تقدَّم ذكرُ ﴿النَّاسِ﴾ قبلَ ﴿مَنِ﴾، بيَّن بقولِه: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، الذي عليه فرضُ ذلك منهم؛ لأنَّ فَرْضَ ذلك على بعضِ الناسِ دونَ جميعِهم.
يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ومَن جحَد ما أَلْزَمه اللَّهُ مِن فرضِ حجِّ بيتِه، فأَنْكَره وكفَر به، فإن الله غنيٌّ عنه وعن حجِّه وعملِه، وعن سائرِ خلقِه مِن الجنِّ والإنسِ.
كما حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ، عن الحجَّاجِ بن أَرْطَاةَ، عن محمدِ بن أبي المُجالِدِ، قال: سَمِعتُ