للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنتُ إلى جنبِ ابن عباسٍ وهو يتعوَّذُ بينَ الركنِ والمقامِ، فقلتُ: كيف تقرأُ؛ ﴿سِحْرَانِ﴾، أو (ساحران)؟ فلم يردُّ على شيئًا، فقال عكرمة: (ساحران). وظننتُ أنه لو كرِه ذلك أنكرَه عليَّ. قال حميدٌ: فلقيتُ عكرمةَ بعدَ ذلك، فذكرتُ ذلك له، وقلتُ: كيف كان يقرؤُها؟ قال: كان يقرأُ: ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ التوراةُ والإنجيلُ (١).

ذكرُ مَن قال: عَنَوْا به الفُرْقَانَ والإنجيلَ

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بن واضحٍ، قال: ثنا عبيدٌ، عن الضحاكِ أنه قرَأ: ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾. يعنون: الإنجيلُ والفرقانُ (٢).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾: قالت ذلك أعداءُ اللهِ اليهودُ، للإنجيلِ والفرقانِ، فمَن قال: (ساحِران) فيقولُ: محمدٌ وعيسى ابن مريمَ (٣).

قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين في ذلك عندَنا بالصوابِ قراءةُ مَن قرأه: ﴿قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ (٤). بمعنى: كتابُ موسى وهو التوراةُ، وكتابُ عيسى وهو الإنجيلُ.

وإنما قلنا: ذلك أولى القراءتين بالصواب؛ لأن الكلامَ مِن قبلِه جرَى بذكرِ الكتابِ، وهو قوله: ﴿قَالُوا (٥) لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾ والذي يليه مِن


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٩٢، وفي مصنفه (٩٠٤٥) من طريق حميد به مختصرا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٠ إلى ابن المنذر.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٢٥٢.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٨٥ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٠ إلى عبد بن حميد.
(٤) القراءتان كلتاهما صواب.
(٥) في النسخ: "وقالوا".