للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب الله وقرأ، أو حدَّث، وتكلَّم، ألقى الشيطانُ في كتاب الله الذي تَلاه وقرأه، أو في حديثِه الذى حدَّث وتكلَّم، ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾. يقول تعالى: فيُذهبُ اللهُ ما يُلقى الشيطانُ مِن ذلك على لسان نبيِّه ويُبطله.

كما حدَّثني علىٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن علىٍّ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾: فيُبْطِلُ اللهُ ما أَلقَى الشيطانُ.

حُدِّثت عن الحسينِ، قال: سمعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾: نسَخ جبريلُ بأمرِ اللهِ ما ألقى الشيطانُ على لسانِ النبيِّ ، وأحكم اللهُ آياتِه.

وقوله: ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾. يقولُ: ثم يُخلِّصُ الله آيات كتابه من الباطل الذى (١) أَلقَى (٢) الشيطانُ على لسان نبيِّه، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما يحدُث في خَلقِه من حدثٍ، لا يَخفَى عليه منه شيءٌ، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيره إياهم، وصرفِه لهم فيما شاء وأحبَّ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقى الشيطانُ ثم يُحْكِمُ الله آياته؛ كي يجعل ما يُلقى الشيطانُ في أُمنيَّة نبيِّه من الباطل - كقول النبيِّ : "تلك الغَرانيقُ العُلى، وإن شفاعتهنَّ لتُرتجي"- ﴿فِتْنَةٌ﴾. يقول: اختبارًا يختبر به الذين في قلوبِهم مرضٌ من النفاقِ، وذلك الشكُّ فى صدقِ رسولِ الله وحقيقةِ ما


(١) في ص، ت ٢، ف: "التي".
(٢) في ص: "يلقى".