للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضًا؛ لأن العربَ تُذكِّرُ مثلَ هذا وتُؤنِّثُه.

وقولُه: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾. يقوُل تعالى ذكرُه مُنَبِّهًا هذا الكافرُ الذى قال: من يحيى العظامَ وهى رَميمٌ. على خطأِ قولِه وعظيمِ جهلِه: أوَ ليس الذى خلَق السماواتِ السبعَ والأرضَ بقادرٍ على أن يخلُقَ مثلَكم (١)، فإن خلقَ مثلِكم مِن العظامِ الرَّمِيمِ ليس بأعظمَ مِن خلقِ السماواتِ والأرضِ. يقولُ: فمَن لم يَتعذَّرْ عليه خلقُ ما هو أعظمُ مِن خَلْقِكم، فكيف يَتعذَّرُ عليه إحياءُ العظامِ مِن بعدِ ما قد رَمَّت وبَلِيَت؟

وقولُه: ﴿بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ يقولُ: بلى، هو قادرٌ على أن يخلُقَ مثلَهم، وهو الخلّاقُ لِما يشاءُ، الفَعَّالُ لِما يريدُ، العليمُ بكلِّ ما خلَق ويخلُقُ، لا يخفَى عليه خافيةٌ.

القولُ فى تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: إنَّما أَمْرُ اللهِ إذا أراد خلقَ شيءٍ أن يقولَ لهُ: كنْ. فيكونُ.

وكان قتادةُ يقولُ فى ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾. قال: هذا مِثْلُ: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. قال: ليس مِن كلامِ العربِ شيءٌ هو أخفَّ مِن ذلك، ولا


(١) فى الأصل: "مثلهم" ـ