للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركُ: إنك (١) تَزْعُمُ أَنك تُبْعَثُ بعدَ الموتِ. فَأَقْسَم باللهِ جهدَ يمينِه: لا يَبْعَثُ اللهُ مَن يموتُ. فأنزل اللهُ: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن عطاءِ بن أبى رباحٍ، أنه أخبَره أنه سمِع أبا هريرةَ يقولُ: قال اللهُ: سبَّنى ابن آدمَ ولم يكنْ ينْبَغي له أن يَسُبَّنى، وكذَّبنى ولم يكن يَنْبغى له أن يُكَذِّبَنى، فأما تكذيبُه إيَّايَ، فقال: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾. قال: قلتُ: ﴿بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾. وأما سَبُّه إِيَّاى، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة: ٧٣]. وقلتُ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ (٣) [الإخلاص: ١ - ٤].

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: بل لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مَن يموتُ، وعدًا عليه حقًّا؛ ليُبيِّنَ لهؤلاء الذين يَزْعُمون أن الله لا يَبْعَثُ مَن يموتُ، ولغيرِهم الذي يختلفون فيه؛ مِن إحياءِ اللهِ خَلْقَه بعدَ فنائِهم، وليعلمَ الذين جحَدوا صحةَ ذلك، وأنكَروا حقيقتَه، أنهم كانوا كاذبين في قِيلِهم: لا يَبْعَثُ اللهُ مَن يموتُ.


(١) في ص: "وإنك".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٨ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، كما في تفسير ابن كثير ٤/ ٤٩١، من طريق حجاج عن ابن جريج عن عطاء وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٨ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
كما أخرجه أحمد ١٣/ ٥٣١، ٥٣٢ (٨٢٢٠)، والبخارى (٤٩٧٥)، من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعًا، والبخاري في (٣١٩٣، ٤٩٧٤) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا.