للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلُّ ظنٍّ في القرآنِ ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ﴾. يقولُ: إنى (١) علِمْتُ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فالذى وصَفْتُ أَمرَه، وهو الذي أُوتِيَ كتابَه بيمينِه، في عيشةٍ مُرْضِيةٍ، أو عيشةٍ فيها الرضا. فوُصِفَتِ العيشةُ بالرضا وهى مُرْضِيةٌ؛ لأن ذلك مدحٌ للعيشةِ. والعربُ تفعَلُ ذلك في المدحِ والذمِّ فتقولُ: هذا ليلٌ نائمٌ، وسرٌّ كاتمٌ، وماءٌ دافقٌ. فيُوجِّهون الفعلَ إليه، وهو في الأصلِ مفعولٌ لما يُرادُ من المدحِ أو الذمِّ، ومَن قال ذلك لم يَجُزْ له أنْ يقولَ للضاربِ: مضروبٌ. ولا للمضروبِ: ضاربٌ. لأنه لا مدحَ فيه ولا ذمَّ.

وقولُه: ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾. يقولُ: في بستانٍ عالٍ رفيعٍ. و ﴿فِي﴾ من قولِه: ﴿فِي جَنَّةٍ﴾. من صلةِ ﴿عِيشَةٍ﴾.

وقولُه: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾. يقولُ: ما يُقْطَفُ مِن الجنة من ثمارِها دانٍ قريبٌ من قاطفِه.

وذُكر أنَّ الذى يريدُ ثمرَها يتناولُه كيف شاء، قائمًا وقاعدًا، لا يَمْنَعُه منه بُعْدٌ، ولا يَحُولُ بينَه شَوْكٌ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ،


(١) في م: "أى".
(٢) ذكره الطوسي في التبيان ١٠/ ١٠١.