للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾. وسائرُ ما ذكَر مع ذلك وتَعْدادِه ما عدَّد؟

قيل: وجهُ تَكرارِه ذلك - وإن (١) كان تحريمُ ذلك إذا مات مِن الأسبابِ التي هو بها مَوصوفٌ وقد تقدَّم بقولِه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾. أن الذين خُوطِبوا بهذه الآيةِ كانوا لا يَعُدُّون الميتةَ مِن الحيوانِ، إلا ما مات مِن علةٍ عارضةٍ به غيرِ الانخناقِ والتَّرَدِّى والانتطاحِ وفَرْسِ السَّبُعِ، فأعْلَمَهم اللهُ أن حكمَ ذلك حُكْمُ ما مات من العِللِ العارضةِ، وأن العلةَ الموجِبةَ تحريمَ الميتةِ ليست موتُها مِن علةِ مرضٍ أو أَذًى (٢) كان بها قبلَ هلاكِها، ولكنَّ العلةَ في ذلك أنها لم يَذْبَحْها مِن أَجْلِ (٣) ذبيحتِه، بالمعنى الذي أحَلَّها اللهُ به.

كالذى حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾. يقولُ: هذا حرامٌ؛ لأن ناسًا من العرب كانوا يَأْكُلونه ولا يَعُدُّونه ميتًا، إنما يَعُدُّون الميتَ الذي يَموتُ مِن الوَجَعِ، فحرَّمه اللهُ عليهم، إلا ما ذكَروا اسمَ اللهِ عليه، وأدْرَكوا ذكاتَه وفيه الرُّوحُ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يعني بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾. وحرَّم عليكم أيضًا الذي ذُبِح على النُّصُبِ.


(١) في الأصل: "فإن".
(٢) في الأصل: "داء".
(٣) في م: "أَحَلَّ".
(٤) ينظر التبيان ٣/ ٤٣٢.