للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمصارِ، وغيرُ جائزٍ خِلافُها فيما جاءتْ به نَقْلًا. فإذْ كان ذلك هو الصوابَ، فمعنى الكلامِ: ويا قومِ إني أخافُ عليكم يومَ يُنادِى الناسُ بعضُهم بعضًا؛ إِمَّا مِن هَوْلِ ما قد (١) عَايَنوا من عظيمِ سلطانِ اللهِ، وفَطَاعةِ ما غَشِيَهم مِن كَرْبِ ذلك اليومِ، وإمَّا لتذكير بعضهم بعضًا إنجازَ اللهِ إياهم الوعدَ الذي وعدهم في الدنيا، واسْتِغاثةً مِن بعضِهم ببعضٍ، مما لَقِى مِن عظيمِ البلاءِ فيه.

وقولُه: ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾. فتأويلُه على التأويلِ الذي ذَكَرْنا مِن الخبرِ عن رسولِ اللهِ : يومَ يُوَلُّون (٢) هارِبين في الأرضِ؛ حِذَارَ عذابِ اللهِ وعقابِه عندَ مُعايَنَتِهم جهنمَ.

وتأويلُه على التأويلِ الذي قاله قتادةُ في معنى: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾: يومَ تولُّون مُنصرِفين عن موقفِ الحسابِ إلى جهنمَ.

وبنحوِ ذلك رُوِى الخبرُ عنه وعمَّن قال نحوَ مقالتِه في معنى: ﴿يَوْمَ التَّنَادِ﴾.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾. أي: مُنْطَلَقًا بكم إلى النارِ (٣).

وأَوْلَى القولَيْنِ في ذلك بالصوابِ القولُ الذي رُوِى عن رسولِ اللهِ ، وإن كان الذي قاله قتادةُ في ذلك غيرَ بعيدٍ مِن الحقِّ، وبه قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به".
(٢) في ت ١، ت ٢ ت ٣: "تولون".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٨١ عن معمر عن قتادة.