فوقَ قوتِهم في نصرة رسوله ﷺ؛ لأنهم إنما بايَعوا رسول الله ﷺ على نُصْرَته على العدوِّ (١).
وقولُه: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فمن نكَث بيعتَه إياك يا محمدُ ونَقَضها، فلم يَنْصُرُك على أعدائك، وخالَف ما وعَد ربَّه، ﴿فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾. يقولُ: فإنما يَنْقُضُ بيعته؛ لأنه بفعله ذلك يَخْرُجُ ممن وعَدَه الله الجنة بوفائِه بالبيعةِ، فلم يَضُرَّ بنَكْثِه غيرَ نفسِه، ولم يَنْكُثْ إلا عليها، فأما رسولُ الله ﷺ فإن الله ﵎ ناصِرُه على أعدائِه، نكَث الناكثُ منهم أو وفي ببيعتِه.
وقولُه: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾ الآية. يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن أَوْفَى بما عاهَد الله عليه من الصبر عندَ لقاء العدوِّ في سبيل الله، ونُصرة نبيِّه على أعدائِه، ﴿فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. يقولُ: فسيُعْطِيه الله ثوابًا عظيمًا، وذلك أن يُدْخِلَه الجنةَ؛ جزاءً له على وفائه بما عاهَد عليه الله، ووَثَّق لرسولِه على الصبرِ معه عند البأس، بالمُؤَكَّدة من الأيمان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾: وهى الجنةُ.
(١) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ٧/ ٣١٢ عند كلامه على هذه الآية: أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم، ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المُبايَع بواسطة رسوله ﷺ، كقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ .... ﴾.