للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختَرنا. وإذ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنه قد كان جلَّ ثناؤُه أذِن لهم بقتالِهم، إذا كان ابتداءُ القتالِ من المشركين قبلَ أن يَقتلُوا منهم قتيلًا، وبعدَ أنْ يقتُلوا (١).

وقد نسَخ اللهُ هذه الآيةَ بقولِه: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾. وقولِه: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ ونحو ذلك من الآياتِ.

وقد ذكَرنا قولَ بعضِ من قال: هي منسوخةٌ. وسنذكُرُ قولَ من حضَرَنا ذكرُه ممَّن لَمْ نذكُرْه.

حَدَّثَنَا الحسنُ بنُ يحيى، قال: ثنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبرنا معمَرٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾ قال: نسَخها قولُه: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ (٢).

حَدَّثَنِي يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾. قال: حتى يبدَءوكم، كان هذا قد حُرِّم، فأحلَّ اللهُ جلَّ ثناؤُه ذلك له، فلم يزَلْ ثابتًا حتى أمَره اللهُ بقتالِهم بعدُ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢)﴾.

يعني بذلك جلَّ ثناؤُه: فإن انتهى الكافرون الذين يُقاتلونكم عن قتالِكم وكُفرِهم باللهِ، فتَركوا ذلك وتابوا، فإن اللهَ غفورٌ لذنوبِ مَن آمَن منهم وتابَ من شِرْكِه، وأنابَ إلى اللهِ مِن معاصِيه التي سلَفتْ منه، وآثامِه (٤) التي


(١) بعده في م: "منهم قتيلا".
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٧٣.
(٣) ينظر نواسخ القرآن لابن الجوزي ص ١٨٢.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أيامه".