للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ﴾ [الناس: ١، ٢]. إلى آخرِ السورةِ. ثم ذكَر الأخبارَ التى رُوِيَت عن النبيِّ أنه قال: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ" (١). ثم (٢) قال ابنُ إسحاقَ: وإنما أمْرُ ابنِ آدمَ فيما بينَه وبينَ عدوِّ اللهِ كأمْرِه فيما بينَه وبينَ آدمَ، فقال الله: ﴿فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٣]. ثم خلَص إلى آدمَ وزوجتهِ حتى كلَّمَهما (٣) كما قصَّ اللهُ علينا مِن خبرِهما، فقال: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠]. فخلَص إليهما (٤) بما خلَص إلى ذريتِه مِن حيثُ لا يَرَيانِه -فاللهُ أعلمُ أيُّ ذلك كان- فتابا إلى ربِّهما.

قال أبو جعفرٍ: وليس في يقينِ ابنِ إسحاقَ -لو كان قد أيْقَن في نفسِه- أن إبليسَ لم يَخْلُصْ إلى آدمَ وزوجتِه بالمُخاطَبةِ بما أخْبَر اللهُ عنه أنه قال لهما وخاطَبَهما به، ما يَجوزُ لذى فهمٍ الاعتراضُ به على ما ورَد مِن القولِ مُسْتَفِيضًا في أهلِ العلمِ، مع دَلالةِ الكتابِ على صحةِ ما اسْتَفاض مِن ذلك بينَهم، فكيف بشَكِّه؟ واللهَ نَسْأَلُ التوفيقَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾.

وأما تأويلُ قولِه: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾. فإنه يعنى: فأخْرَج الشيطانُ آدمَ وزوجتَه، ﴿مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ يعنى: مما كان فيه آدمُ وزوجتُه مِن رَغَدِ العيشِ في الجنةِ، وسَعَةِ نعيمِها الذي كانا فيه. وقد بيَّنَّا أن اللهَ تعالى ذكرُه إنما أضاف إخراجَهما مِن الجنةِ إلى


(١) أخرجه البخارى (٢٠٣٩)، ومسلم (٢١٧٥) من حديث صفية، .
(٢) سقط من: م.
(٣) في ص، ت ١: "كلمها".
(٤) في ص: "إليها".