للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك كان إن شاءَ اللهُ على نحوِ ما قال ابنُ عباسٍ ومَن قال بقولِه.

فأما سببُ وصولِه إلى الجنةِ حتى كلَّم آدمَ بعدَ أن أخْرَجَه اللهُ منها وطرَده عنها، فليس فيما رُوى عن ابنِ عباسٍ ووهبِ بنِ مُنَبِّهٍ في ذلك معنًى يَجوزُ لذى (١) فَهمٍ مُدافعتُه، إذ كان ذلك قولًا لا يَدْفَعُه عقلٌ (٢)، ولا خبرٌ يَلزَمُ تَصْديقُه مِن حُجَّةٍ بخلافهِ، وهو مِن الأمورِ المُمْكنةِ. فالقولُ في ذلك أنه قد وصَل إلى خطابِهما على ما أخْبَرنا اللهُ تعالى ذكرُه، وممكنٌ أن يَكونَ وصَل إلى ذلك بنحوِ الذي قاله المتأوِّلون، بل ذلك -إن شاء اللهُ- كذلك؛ لتتابعِ أقوالِ أهلِ التأويلِ على تصحيحِ ذلك، وإن كان ابنُ إسحاقَ قد قال في ذلك ما حدَّثنا به ابنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا سلمةُ، قال: قال ابنُ (٣) إسحاقَ في ذلك: [اللهُ أعلمُ، أكَمَا] (٤) قال ابنُ عباسٍ وأهلُ التَّوْراةِ، أَمْ (٥) خلَص إلى آدمَ وزوجتِه بسُلطانِه الذي جعَل اللهُ له ليَبْتَلِىَ به آدمَ وذريتَه؟ وأنه يَأْتى ابنَ آدمَ في نَوْمتِه وفي يَقَظتِه، وفي كلِّ حالٍ مِن أحوالِه، حتى يَخْلُصَ إلى ما أراد منه حتى يَدْعُوَه إلى المعصيةِ، ويُوقِعَ في نفسِه الشهوةَ وهو لا يَراه، وقد قال الله تعالى ذكرُه: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ﴾. ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾. وقال: ﴿يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ٢٧]. وقد قال اللهُ جل ثناؤه لنبيِّه : ﴿قُلْ أَعُوذُ


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "لذوى".
(٢) في ص: "قول".
(٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "أبو".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "والله أعلم، كما".
(٥) في م، ت ٢: "إنه".