للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا سمِع القرآنَ حفِظه ووعاه (١)، وانْتَفَع به، واطْمَأنَّ إليه، وصدَّق بموعودِ اللهِ الذى وعَد فيه، وكان على يقينٍ مِن ذلك (٢).

القولُ فى تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ (٣) فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه [عن عداوتِه] (٤) مَن عاداه وعادَى جميعَ ملائكتِه ورسلِه، وإعلامٌ منه أن مَن عادَى جبريلَ فقد عاداه وعادَى ميكائيلَ، وعادَى جميعَ ملائكتِه ورسلِه؛ لأنَّ الذين سمَّاهم اللهُ في هذه الآيةِ هم أولياءُ اللهِ وأهلُ طاعتِه، ومَن عادَى للهِ وَليًّا فقد عادَى اللهَ وبارَزه بالمحاربةِ، ومن عادَى اللهَ فقد عادَى جميعَ أهلِ طاعتِه وولايتِه؛ لأنَّ العدوَّ للهِ عدوٌّ أوليائِه، والعدوَّ لأوليائِه عدوٌّ له. فلذلك (٥) قال اللهُ تعالى ذكرُه لليهودِ الذين قالوا: إنَّ جبريلَ عدوُّنا مِن الملائكةِ، وميكائيلَ وليُّنا منهم: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾. مِن أجلِ أنَّ عدوَّ جبريلَ عدوُّ كلِّ ولىٍّ للهِ، فأخبرَهم جلَّ ثناؤه أنَّ مَن كان عدوًّا لجبريلَ، فهو لكلِّ مَن ذكَره؛ مِن ملائكتِه ورسلِه وميكائيلَ، عدوٌّ، وكذلك عدوُّ بعضِ رسلِ اللهِ عدوٌّ للهِ ولكلِّ ولىٍّ للهِ (٦).

وقد حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا عبيدُ اللهِ -يعنى العَتَكىَّ- عن رجلٍ مِن قريشٍ، قال: سأل النبىُّ اليهودَ فقال: " أسْألُكم


(١) في م: "ورعاه".
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٨١ (٩٥٩) من طريق يزيد به.
(٣) في الأصل: "ميكائل"، وهى قراءة نافع. السبعة لابن مجاهد ص ١٦٦.
(٤) في م: "من كان عدو لله".
(٥) في م: "فكذلك".
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.