للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون (١): هو "فاعَلْتُك" مِن الأَيْدِ.

وروى عن مجاهدٍ أنه قرَأ: (إذ آيَدْتُك). (٢) بمعنى: "أَفْعَلْتُك"، مِن القوةِ والأَيْدِ (٢).

وقولُه: ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾. يعنى بجبريلَ. يقولُ: إذ أعَنْتُك بجبريلَ.

وقد بيَّنْتُ معنى ذلك، وما معنى "القُدُسِ" فيما مضَى بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخْبِرًا عن قِيلِه لعيسى: اذكُرْ نعمتى عليك وعلى والدتِك إذ أيَّدتك برُوحِ القُدُس في حالِ تكليمِك الناسَ في المهدِ وكهلًا.

وإنما هذا خبرٌ مِن اللهِ تعالى ذكرُه أنه أيَّدَه برُوحِ القُدُسِ صغيرًا في المهدِ، وكهلًا كبيرًا، فردَّ "الكَهْلَ" (٤) على قولِه: ﴿فِي الْمَهْدِ﴾؛ لأن معنى ذلك: صغيرًا. كما قال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾ [يونس: ١٢].


(١) بعده في م: "بل".
(٢) وهى قراءة شاذة، قال أبو حيان في البحر المحيط ٤/ ٥١: وقرأ مجاهد وابن محيصن: (آيدتك) على "أفعلتك". وقال ابن عطية: على وزن "فاعلتك". ثم قال أبو حيان: ويظهر أن الأصل في القراءتين "أيدتك" ثم اختلف الإعلال والمعنى فيهما.
(٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٢٢١ وما بعدها.
(٤) في م: "القول".