للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمُحالٌ أن يَكونَ جَدُّ أبيه منسوبًا إلى أنه من ذريتِه.

وقولُه: ﴿كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. يقولُ: مَن ذَكَرْنا مِن هؤلاء الذين سمَّيْنا مِن الصالحين. يعني زكريا ويحيى وعيسى وإلياسَ صلَّى اللهُ عليهم.

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (٨٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وهدَيْنا أيضًا من ذريةِ نوحٍ إسماعيلَ، وهو إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، ﴿وَالْيَسَعَ﴾ هو الْيَسَعُ بنُ أخْطُوبَ بنِ العجوز.

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ اسمه؛ فقرأَتْه عامةُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ: ﴿وَالْيَسَعَ﴾ بلامٍ واحدةٍ مُخَفَّفةٍ (١).

وقد زعَم قومٌ أنه "يَفْعَل"، من قولِ القائلِ: وسِع يَسَعُ. ولا تَكادُ العربُ تُدْخِلُ الألفَ واللامَ على اسم يَكونُ على هذه الصورة - أَعْنِي: على "يَفْعَل"، لا يقولون: رأيْتُ اليزيدَ، ولا أتاني اليحيى (٢)، ولا مرَرْتُ باليَشْكُرِ - إلا في ضرورةِ شعرٍ، وذلك أيضًا إذا تُحُرِّي به المدحُ، كما قال بعضُهم (٣):

وجَدْنا الوليدَ بنَ اليزيدِ مُبارَكًا … شديدًا بأحناءِ (٤) الخِلافةِ كاهِلُهْ

فأَدْخَل في "اليزيدِ" الألفَ واللامَ؛ وذلك لإدخالِه إياهما في "الوليد"، فأتْبَعه "اليزيدَ" بمثلِ لفظِه.

وقرَأ ذلك جماعةٌ مِن قرأةِ الكوفيين: (واللَّيْسَعَ) بلامَيْن وبالتشديد (٥).


(١) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وأبي جعفر ويعقوب. النشر ٢/ ١٩٥.
(٢) في م: "التجيب".
(٣) هو ابن ميادة الرماح بن أبرد، والبيت في معاني القرآن للفراء ١/ ٣٤٢، وأمالي ابن الشجرى ٢/ ٢٥٢.
(٤) في م: "بأعباء". قال البغدادي: والأحناء جمع حِنو بالكسر، وهو الجانب والجهة، وقيل: هو هنا بمعنى السَّرج والقتَب، كنى به عن أمور الخلافة الشاقة. خزانة الأدب ٢/ ٢٢٧.
(٥) هي قراءة حمزة والكسائي وخلف. النشر ٢/ ١٩٥.