للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى ، وكان عاقبتُهم أنّهم غرِقوا جميعًا في البحرِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٤)﴾.

يقولُ جلّ ثناؤُه: وقال موسى لفرعونَ: يا فرعونُ إنى رسولٌ إليك مِن ربِّ العالمين.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٠٥) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦)﴾.

اختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ﴾؛ فقرَأه جماعةٌ مِن قرأةِ المكيين والمدنيين والبصرةِ والكوفةِ: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ﴾. بإرسالِ الياءِ مِن ﴿عَلَى﴾، وتركِ تشديدِها (١)، بمعنى: أنا حقيقٌ بألَّا أقولَ علَى اللَّهِ إِلَّا الحقَّ. فوجَّهوا معنى ﴿عَلَى﴾ إلى معنى الباءِ، كما يقالُ: رميتُ بالقوسِ، وعلى القوسِ، وجئتُ على حالٍ حسنةٍ وبحالٍ حسنةٍ.

وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العرب يقولُ (٢) إذا قُرِئَ ذلك كذلك: فمعناه: حريصٌ على ألا أقولَ، [ومُحِقٌّ ألا أقولَ] (٣).

وقرَأ ذلك جماعةٌ مِن أهلِ المدينةِ: (حَقِيقٌ عَلَيَّ أَن لا أَقُول) (٤). بمعنى: واجبٌ عليَّ ألا أقولُ، وحقٌّ عليَّ ألا أقولَ.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنَّهما قراءتان مشهورتان متقارِبَتا المعنى، قد قرَأ


(١) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبي جعفر ويعقوب وخلف. النشر ٢/ ٢٠٣.
(٢) هو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٢٢٤.
(٣) في م: "إلا بحق"، وفى ف: "بحق لا أقول".
(٤) وهى قراءة نافع وحده. النشر ٢/ ٢٠٣.