للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا [زيدُ بنُ حُبابٍ] (١)، عن شَدَّادٍ، عن غَيْلَانَ بنِ جريرٍ، عن مُطَرِّفٍ بنِ الشَّخِّيرِ: ﴿إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ﴾. قال: رِزْقى لكم واسعٌ.

وأَولى القولَين بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: إن أرضى واسعةٌ، فاهرُبوا مِمَّن منَعكم مِن العملِ بطاعتى؛ لدلالةِ قولِه: ﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾. على ذلك، وأن ذلك هو أظهرُ مَعْنَيَيْه (٢)، وذلك أن الأرضَ إذا وصفها بسَعَةٍ، فالغالبُ من وصفِه إياها بذلك أنها لا تَضِيقُ جميعُها على مَن ضاق عليه منها موضعٌ، لا أنه وصَفها بكثرةِ الخيرِ والخِصْبِ.

وقولُه: ﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾. يقولُ: فأخْلِصوا لي عبادتَكم وطاعتَكم، ولا تُطِيعوا في مَعصيتى أحدًا مِن خَلْقى.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين به مِن أصحاب نبيِّه: هاجِرُوا مِن أرضِ الشركِ مِن مكةَ، إلى أرضِ الإسلامِ إلى (٣) المدينةِ؛ فإن أرضى واسعةٌ، فاصْبِروا على عبادتي، وأَخْلِصوا طاعتى، فإنكم مَيِّتون، وصائِرون إلىَّ؛ لأن كلَّ نفسٍ حيةٍ ذائقةُ الموتِ، ثم إلينا بعدَ الموتِ تُرَدُّون. ثم أخبَرهم جل ثناؤُه، عما أعَدَّ للصابرِين منهم على طاعتِه، من كرامتِه عندِه، فقال:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾. يعنى: صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، فيما جاء به مِن عندِ اللَّهِ، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: وعمِلوا بما أمَرهم اللهُ


(١) في ت ٢: "يزيد بن خباب".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "لمعنييه".
(٣) سقط من: م، ت ٢.