للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنتم، لا ما جئتُكم به أنا. ثم أَخبرَهم أن الله سيبُطلُه، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ﴾، يقولُ: سيَذهبُ به. فذَهب به تعالى ذكرُه بأن سَلَّط عليه عصا موسى؛ قد حوّلها تعبانًا يتلقَّفه، حتى لم يبقَ منه شيءٌ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾. يعنى: إنه لا يُصلِحُ عملَ مَن سَعَى في أرضِ الله بما يَكرَهُه، وعَمِلَ فيها بمعاصيه

وقد ذُكِر أن ذلك فى قراءةِ أبيِّ بنِ كعبٍ: (ما أتيتم به سحر). وفي قراءةِ ابنِ مسعودٍ: (ما جئتم به سحرٌ) (١)، وذلك مما يؤيدُ قراءةَ مَن قرأ بنحوِ الذى اخترنا مِن القراءةِ فيه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخبِرًا عن موسى أنه قال للسحرةِ: ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ﴾. يقولُ: ويُثبِتُ الله الحقِّ الذى جِئتُكم به من عندِه، فيُعليه على باطلِكم، ويُصحِّحُه ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾. يعني: بأمرِه، ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾. يعنى: الذين اكتَسبوا الإثمَ بربِّهم، بمعصيتِهم إياه.

القولُ فى تاويلِ قولِه تعالى: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فلم يُؤمن لموسى، مع ما أتاهم به مِن الحُجَجِ والأدلةِ، ﴿إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ﴾، خائِفين مِن فرعونَ ومَلَئِهم.


(١) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٤٧٥، والبحر المحيط ٥/ ١٨٣.