للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ﴿وَعَتَوْا عُتُوًّا﴾؛ لأن "عتا" من ذواتِ الواوِ، فأُخْرِج مصدرُه على الأصلِ بالواوِ، وقيل في سورةِ "مريمَ": ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ [مريم: ٨]. وإنما قيل ذلك كذلِك (١)، لموافقةِ المصادرِ في هذا الوجهِ جَمْعَ الأسماءِ، كقولهم: قعد قعودًا. وهم قومٌ قعودٌ. فلما كان ذلك كذلك، وكان العاتى يُجْمَعُ عِتِيًّا بناءً على الواحدِ، جُعِل مصدره أحيانًا موافقًا لجمعِه، وأحيانًا مردودًا إلى أصله.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يوم يرى هؤلاء الذين قالوا: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا﴾. بتصديقِ محمدٍ - الملائكةَ، فلا بشرَى لهم يومئذٍ بخيرٍ، ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾. يعنى أن الملائكةَ يَقُولون للمجرمين: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾. حرامًا محرمًا عليكم اليومَ البشرى أن تكونَ مِن الله. ومن "الحجرِ" قولُ المتلمِّسِ (٢):

حَنَّتْ إلى النخلةِ (٣) القُصْوى فقلتُ لها … حِجْرٌ حرامٌ أَلَا تلك الدهارِيسُ

ومنه قولُهم: حجَر القاضي على فلانِ، وحجَر فلانٌ على أهله. ومنه حِجْرُ الكعبة؛ لأنه لا يُدْخَلُ إليه في الطوافِ، وإنما يطافُ من ورائِه، ومنه قولُ الآخرِ (٤):


= وحده من قول ابن عباس.
(١) زيادة من: م.
(٢) تقدم تخريجه في ٩/ ٥٧٨.
(٣) في م، ف: "نخلة". وهى رواية.
(٤) هو حميد بن ثور الهلالي، والبيت في ديوانه ص ٨٤، وفيه: أغْشَى، يُغْشى. بدلا من: ألقى، يُلْقى.