للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، أن عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ كان يقولُ: كنا نَرَى ونحن مع رسولِ اللهِ أنَّ مِن الذنبِ الذي لا يُغْفَرُ يمينَ الصَّبرِ، إِذا فَجَر فيها صاحبُها (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨)﴾.

يعنى بذلك جَلَّ ثناؤُه: وإن مِن أهلِ الكتابِ، وهم اليهودُ الذين كانوا حَوَالَىْ مدينةِ رسولِ اللهِ على عهْدِه، من بني إسرائيل.

والهاءُ والميمُ في قولِه: ﴿مِنْهُمْ﴾. عائدةٌ على "أهلِ الكتابِ" الذين ذكَرَهم في قولِه: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾.

وقولُه: ﴿لَفَرِيقًا﴾. يعنى: جماعةً، ﴿يَلْوُونَ﴾. يعنى: يُحرِّفون ﴿أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾. يعنى: لِتَظُنُّوا أن الذي يُحرِّفونه بكلامِهم من كتابِ اللهِ وتنْزيلِه. يقول اللهُ ﷿: وما ذلك الذي لوَوا به ألسنتهم فحَرَّفوه وأحدَثوه مِن كتابِ اللهِ، ويَزعمُون أنّ مَا لَوَوْا بِه أَلسِنتَهم من التَّحْرِيفِ والكذبِ والباطلِ، فألْحَقوه في كتابِ اللهِ، ﴿وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. يقولُ: مما أنزله الله على أنبيائِه، ﴿وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. يقولُ: وما ذلكَ الذي لَوَوْا به ألسِنَتَهم فأَحْدَثوه، مما أنزَله اللهُ إلى أحدٍ من أنبيائِه، ولكنه مما أحدَثوه مِن قِبَل أنفُسِهم، افتراءً على اللهِ. يقولُ ﷿: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. يعنى بذلك أنهم يتَعمَّدُون قِيلَ الكذبِ على اللَّهِ، والشهادةَ عليه بالباطلِ، والإلحاقَ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٦ إلى المصنف.