إن جاءكم أيُّها القومُ، عذابُ الله كالذى جاء مَن قبلَكم من الأممِ الذين (١) هلَك بعضُهم بالرَّجْفَةِ، وبعضُهم بالصاعقةِ، أو جاءتكم الساعةُ التي تُنْشَرُون فيها من قبوركم، وتُبْعَثون لموقفِ القيامةِ، أغيرَ اللَّهِ هناك تَدْعُون لكشف ما نزَل بكم مِن البلاء، أو إلى غيره من آلهتكم تَفْزَعون؛ ليُنَجِّيَكم مما نزَل بكم من عظيمِ البلاءِ؟ ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. يقول: إن كنتم مُحِقِّين في دعواكم وزعمكم أن آلهتكم التي تَدْعُونها مِن دونِ اللَّهِ تَنْفَعُ أَو تَضُرُّ.
يقول تعالى ذكرُه مُكَذِّبًا لهؤلاء العادلين به الأوثانَ: ما أنتم أيُّها المشركون بالله الآلهة والأندادَ، إن أتاكم عذابُ اللهِ، أو أتتكم الساعةُ - بمُسْتَجِيرين بشيءٍ غير الله في حال شدةِ الهَوْلِ النازلِ بكم، من آلهةٍ ووَثَنٍ وصنمٍ، بل تَدْعُون هناك ربَّكم الذي خلَقَكم، وبه تَسْتَغيثون، وإليه تَفْزَعون دونَ كلِّ شيءٍ غيره، ﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ﴾. يقولُ: فيُفَرِّجُ عنكم عندَ اسْتِغاثتكم به، وتَضَرُّعِكم إليه عظيمَ البلاءِ النازلِ بكم، إن شاء أن يُفَرِّجَ ذلك عنكم؛ لأنه القادرُ على كلِّ شيءٍ، ومالك كلِّ شيءٍ، دونَ ما تَدْعُونَه إلها من الأوثان والأصنام. ﴿وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾. يقولُ: وتَنْسَوْن حينَ يَأْتيكم عذاب الله، أو تَأْتِيكم الساعةُ بأهوالِها، ما تُشْرِكونه مع الله في عبادتكم إياه، فتَجْعَلونه له ندًّا، مِن وَثَنٍ وصَنَمٍ، وغير ذلك مما تَعْبُدونه مِن دونِه وتَدْعُونه إلهًا.
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢)﴾.