للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ يَزْعُمُ أنها سمِّيت مَثانَى؛ لأن فيها ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ مرَّتين، وأنها تُثْنَى في كلِّ سورةٍ، يعنى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.

وأما القولُ الذي اخْتَرناه في تأويلِ ذلك، فهو أحدُ أقوالِ ابن عباسٍ، وهو قولُ طاوسٍ، ومجاهدٍ، وأبى (١) مالكٍ، وقد ذكَرنا ذلك قبلُ.

وأما قولُه: ﴿وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾. فإن "القرآنَ" معطوفٌ على "السبعِ"، بمعنى: ولقد آتَيْناك سبعَ آياتٍ مِن القرآنِ، وغيرَ ذلك مِن سائرِ القرآنِ. كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾. قال: سائرَه (٢). يعنى سائرَ القرآنِ، مع السبعِ مِن المثانى.

حدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾: يعنى الكتابَ كلَّه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه (٣) : لا تَتَمَنَّينَّ يا محمدُ ما جعَلنا مِن زينةِ هذه الدنيا متاعًا للأغنياءِ مِن قومِك الذين لا يُؤْمِنون باللهِ واليومِ الآخرِ، يَتَمَتَّعون فيها، فإن مِنْ ورائِهم عذابًا غليظًا، ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: ولا تَحْزَنْ على ما مُتِّعوا به،


(١) في ص، ف: "ابن".
(٢) تفسير مجاهد ص ٤١٨.
(٣) بعده في م: "محمد".