للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلذلك نصَب "غيرَ" لخروجِها مِن الاسمِ الذي في قولِه: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾. وهى بمعنى "لا" (١)، فنُصِب بالمعنى الذي كان به منصوبًا "المُتجَانفُ" لو جاء الكلامُ: لا (١) مُتَجانِفًا.

وأما "المتجانفُ للإثمِ"، فإنه المتمايلُ له المنحرفُ إليه، وهو في هذا الموضعِ مرادٌ به المُتعَمِّدُ له القاصدُ إليه، مِن: جَنَف القومُ عليَّ، إذا مالوا، وكلُّ أعوجَ فهو أجنفُ عندَ العربِ.

وقد بيَّنا معنى "الجَنَفِ" بشواهدِه في قولِه: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا﴾ [البقرة: ١٨٢]. بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضِع (٢).

وأما تَجانُفُ آكلِ المَيْتةِ في أكلِها وفى غيرِها مما حرَّم اللهُ أكلَه على المؤمنين بهذه الآيةِ، للإثمِ في حالِ أكلِه، فهو تَعَمُّدُه أكلَ ذلك لغيرِ دفعِ الضرورةِ النازلةِ به، ولكنْ لمعصيةِ اللهِ وخلافِ أمرِه فيما أمَره به مِن تركِ أكلِ ذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنا معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ﴾. يعنى: إلى (٣) ما حرَّم مما سَمَّى في صدرِ هذه الآيةِ: ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ﴾. يقولُ: غيرَ متعمِّدٍ لإثمٍ (٤).


(١) في م: "إلا".
(٢) ينظر ما تقدم في ٣/ ١٤٧ - ١٥٢.
(٣) سقط من: الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.