للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بمَفازاتِهم). على الجماعِ (١).

والصوابُ عندي من القولِ في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من القرأةِ، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ؛ لاتفاقِ معنَيَيْهما، والعربُ توحِّدُ مثلَ ذلك أحيانًا وتجمعُ، بمعنًى واحدٍ، فيقولُ أحدُهم: سمِعتُ صوتَ القومِ، وسمِعتُ أصواتَهم. كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: ١٩]. ولم يقُلْ: أصواتُ الحميرِ. ولو جاء ذلك كذلك كان صوابًا.

وقولُه: ﴿لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: لا يمَسُّ المتقين من أذَى جَهَنَّمَ شيءٌ، وهو السوءُ الذي أخبَر جلّ ثناؤُه أنه لن يَمسَّهم، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. يقولُ: ولا هم يحزنون على ما فاتهم من آرابِ (٢) الدنيا، إذ صاروا إلى كرامةِ اللهِ، ونعيمِ الجنانِ.

وقولُه: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: اللهُ الذي له الألوهةُ من كلِّ خلقِه، الذي لا تصلُحُ العبادةُ إلا له، خالقُ كلِّ شيءٍ لا ما لا يقدِرُ على خلقِ شيءٍ، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾. يقولُ: وهو على كلَّ شيءٍ قَيِّمٌ بالحفظِ والكَلاءةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٦٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: له مفاتيحُ خزائنِ السماواتِ والأرضِ، يفتَحُ منها على مَن


(١) هي قراءة حمزة والكسائي وخلف وشعبة عن عاصم. المصدر السابق.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "آداب". والأَرب: الحاجة والبغية والأمنية. الوسيط (أ ر ب).