واختلَف أهلُ التأويلِ في معنى قولِه: ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ﴾، وما الموصوفُ بذلك؛ فقال بعضُهم: عُنى بذلك النارُ، وقالوا: هي صفةٌ للهاءِ التي في قولِه: ﴿إِنَّهَا﴾، وقالوا: هي النذيرُ، فعلى قولِ هؤلاءِ "النذير" نُصِب على القطعِ من "إحدى الكُبَرِ"؛ لأنَّ إحْدَى الكُبَرِ" معرفةٌ، وقوله: ﴿نَذِيرًا﴾ نكرةٌ، والكلامُ قد يَحْسُنُ الوقوفُ عليه دونَه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: قال الحسنُ: والله ما أُنْذِرَ الناسُ بشيءٍ أَدهى منها، أو بداهيةٍ هي أَدْهى منها (١).
وقال آخرون: بل هي مِن صفةِ اللهِ تعالى ذكرُه، وهو خبرٌ مِن الله جلَّ ثناؤُه عن نفسِه، أنه نذيرٌ لخَلْقِه، وعلى هذا القولِ، يَجِبُ أن يكونَ نَصْبُ قوله: ﴿نَذِيرًا﴾ على الخروجِ مِن جملةِ الكلامِ المتقدَّمِ، فيكونُ معنى الكلامِ: وما جعَلْنا أصحابَ